الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: خزانة الأدب وغاية الأرب (نسخة منقحة)
.قتل سليمان شاه والخطبة لإرسلان. كان سليمان لما ملك أقبل على اللهو ومعاقرة الخمر حتى في نهار رمضان وكان يعاشر الصفاعين والمساخر وعكف على ذلك مع ما كان فيه من الخرق والتهور فقعد الامراء عن غشيان بابه وشكوا إلى شرف الدين كردبازه الخادم وكان مدبر مملكته وكان حسن التربية والدين فدخل عليه يوما يعذله على شأنه وهو مع ندمائه بظاهر همذان فأشار إليهم أن يعبثوا بكردبازه فخرج مغضبا واعتذر إليه عندما صحا فأظهر له القبول وقعد عن غشيان مجلسه وكتب سليمان شاه إلى انبانج صاحب الري يدعوه إلى الحضور فوعده بذلك إذا أفاق من مرضه وزاد كردبازه استيحاشا فاستحلف الأمراء على خلع سليمان وبدأ بقتل جميع الصفاعين الذين كانوا ينادمونه وقال إنما فعلته صونا لملكك ثم عمل دعوة في داره فحضر سليمان شاه والأمراء وقبض على سليمان شاه ووزيره أبي القاسم محمود بن عبد العزيز الحاقدي وعلى خواصه وذلك في شوال سنة خمس وخمسين وقتل وزيره وخواصه وحبس سليمان شاه قليلا ثم قتله ثم أرسل إلى ايلدكز صاحب اران وأذربيجان يستقدم ربيبه أرسلان بن طغرل ليبايع له يالسلطنة وبلغ الخبر إلى انبانج صاحب الري فسار إلى همذان ولقيه كردبازه وخطب له بالسلطنة بجميع تلك البلاد وكان ايلدكز قد تزوج بأم أرسلان وولدت له ابنه البهلوان محمد ومزدارسلان عثمان فكان ايلدكز أتابك وابنه البهلوان حاجبا وهو أخو أرسلان لأمه وايلدكز هذا من موالي السلطان مسعود ولما ملك أقطعه اران وبعض أذربيجان وحدثت الفتن والحروب فاعتصم هو باران ولم يحضر عند أحد من ملوكهم وجاء إليه ارسلان شاه من تلك الفتن فأقام عنده إلى أن ملك ولما خطب له بهمذان بعث ايلدكز أتابك إلى انبانج صاحب الري ولاطفه وصاهره في ابنته لابنه البهلوان وتحالفا على الاتفاق وبعث إلى المستنجد بطلب الخطبة لارسلان في العراق واعادة الامور إلى عادتها أيام السلطان مسعود فطرد رسوله بعد الاهانة ثم أرسل ايلدكز إلى اقسنقر الاحمديلي يدعوه إلى طاعة السلطان ارسلان فامتنع وكان عنده ابن السلطان شاه بن محمود المدني أسلمه إليه عند موته فتهدده بالبيعة له وكان الوزير ابن هبيرة يكاتبه من بغداد ويقمعه في الخطبة لذلك الصبي قصدا للنصر من بينهم فجهز ايلدكز العساكر مه البهلوان إلى اقسنقر واستمد اقسنقر شاهر بن سقمان القطبي صاحب خلاط وواصله فمده بالعساكر وسار نحو البهلوان وقاتله فظفر به ورجع البهلوان إلى همذان مهزوما والله تعالى أعلم..الحرب بين ايلدكز وانبانج. لما مات ملك شاه بن محمود باصبهان كما قلناه لحق طائفة من أصحابه ببلاد فارس ومعهم ابنه محمود فانتزعه منهم صاحب فارس زنكي بن دكلا السلقدي وأنزله في قلعة اصطخر فلما ملك ايلدكز السلطان ارسلان وطلب الخطبة ببغداد وأخذ الوزير ابن هبيرة في استفساد الاطراف عليهم وبعث لابن اقسنقر في الخطبة لابن السلطان محمد شاه الذي عنده وكاتب صاحب فارس أيضا يشير عليه بالبيعة للسلطان محمد بن السلطان ملك شاه الذي عنده ويعده بالخطبة له إن ظفر بايلدكز فبايع له ابن دكلا وخطب له بفارس وضرب النوب الخمس على بابه وجمع العساكر وبلغ إلى ايلدكز فجمع وسار في أربعين ألفا إلى أصبهان يريد فارس فأرسل إلى زنكي في الخطبة لارسلان شاه فأبى فقال له ايلدكز أن المستنجد اقطعني بلادك وأنا سائر إليها وتقدمت طائفة إلى نواحي ارجان فلقيتها سرية لارسلان بوقا صاحب ارجان فأوقعوا بطائفته وقتلوا منهم وبعثوا بالخبر إلى انبانج فنزل من الري في عشرة آلاف وأمده اقسنقر الاحمديلي بخمسة آلاف فقصد وهرب صاحب ابن البازدان وابن طغابرك وغيرهما من أولياء ايلدكز للقاء انبانج ورد عسكر المدافعة زنكي عن شهبرم وغيرها من البلاد فهزمهم زنكي بن دكلا ورجعوا إليه فاستدعى عساكره من أذربيجان وجاء هبيس بن مزدارسلان واستمد انبانج وقتل أصحابه ونهب سواده ودخل الري وتحصن في قلعة طبرك ثم ترددت الرسل بينه وبين ايلدكز في الصلح وأقطعه حربادفان وغيرها وعاد ايلدكز إلى همذان والله سبحانه وتعالى أعلم..الفتنة بنيسابور وتخريبها. وفي ربيع سنة ست وخمسين قبض المؤيد على أحياء نيسابور وحبسهم وفيهم نقيب العلويين أبو القاسم زيد بن الحسن الحسيني وآخذهم على فعله آباؤهم بأهل البلد من أهل البلد من النهب والاعتداء على الناس في أموالهم وحرصهم فأخذ هؤلاء الأعيان ينهونهم كأنهم لم يضربوا على أيديهم وقتل جماعة من أهل الفساد فخرب البلد وامتدت الايدي إلى المساجد والمدارس وخزائن الكتب وأحرق بعضها ونهب بعضها وانتقل المؤيد إلى الشادباخ فأصلح سوره وسد ثلمة وسكنه وخرب نيسابور بالكليه وكان الذي اختط هذا الشادباخ عبد الله بن طاهر أيام ولايته على خراسان يتفرد بسكناه هو وحشمه عن البلد تجافيا عن مزاحمتهم ثم خربت وجددها البارسلان ثم خربت فجددها الآن المؤيد وخربت نيسابور بالكلية ثم زحف الغز والخان محمود معهم وهو ملك خراسان لذلك العهد فحاصروا المؤيد بالشادباخ شهرين ثم هرب الخان عنهم إلى شهرستان كأنه يريد الحمام وأقام بها وبقي الغز إلى آخر شوال ثم رجعوا فنهبوا البلاد ونهبوا طوس ولما دخل الخان إلى نيسابور أمهله المؤيد إلى رمضان سنة سبع وخمسين ثم قبض عليه وسمله وأخذ ما كان معه من الذخائر وحبسه وحبس معه جلال محمد فماتا في محبسهما وخطب المؤيد لنفسه بعد المستنجد ثم زحف المؤيد إلى شهرستان وقرب نيسابور فحاصرها حتى نزلوا على حكمه في شعبان سنة تسع وخمسين ونهبها عسكره ثم رفع الأيدي عنها واستقامت في ملكه والله أعلم.
|